آراء ومقالات

طه داؤود يكتب:الجوع في معسكرات اللجوء

أفريكابرس24

يدرك المرء بشاعة هذه الحرب عندما يشاهد تلك الأشلاء المتناثرة فوق الرمال أو المتفحمة داخل السيارات العسكرية لشباب صغار انتهت حياتهم القصيرة بهذه الصورة المأساوية في حرب وَصَفها البرهان يوماً بالحرب العبثية ولاحقاً وَصَفها بحرب الكرامة بينما يصفها الدعم السريع بأنها حرب ضد دولة ٥٦.

يدرك المرء بشاعة هذه الحرب حينما يشاهد جموع الفارين من مدينة الفاشر المنكوبة إلى معسكرات فقيرة التجهيز في طويلة وقرني والدبة. وفي هذا الخصوص، هل شاهدتم مقطع الطفلة سامية وأخواتها في تلك الخيمة البائسة التي لا تحمي من لسعات البرد، وقد وضعن فوق النار إناء ليس به غير الماء وقليل من الطحين! أغمضت عيني من هول المنظر، والصغيرة سامية تحكي أن أمهن خرجت قبل ٣ أشهر لإحضار أمباز، نعم أمباز (علف الدواب) لاطعام بناتها الصغار ولكنها لم تعد حتى الآن! أطفال صغار يهربون إلى الصحراء وإلى المجهول بلا أم ولا أب ولا طعام ومع ذلك يصر قادة الحرب الى الاستمرار في القتال لمائة عام!

يدرك المرء بشاعة هذه الحرب عند الاطلاع على فظائع الاغتصاب للنساء العفيفات وامتهان كرامتهن في عموم مناطق العمليات وفي دارفور على وجه الخصوص.

يدرك المرء بشاعة هذه الحرب ذات الأجندة الداخلية والخارجية عندما تتفشى المجاعة وسط معسكرات النزوح بينما تحتجز قوات الدعم السريع من جهة والجيش والقوات المشتركة من جهة أخرى شاحنات الإغاثة من الوصول إلى المحرومين لأن حظهم التعيس وضعهم في مناطق سيطرة الطرف الآخر. والتقارير التالية تؤكد حدوث هذا المنع غير الأخلاقي لقوافل الإغاثة.
((قال عمال إغاثة محليون ومصادر متطابقة في نيالا بولاية جنوب دارفور، الأحد، إن قوات الدعم السريع تحتجز عشرات الشاحنات المحمّلة بالمساعدات الإنسانية التي وصلت إلى المدينة، وذلك لإجبارها على دفع رسوم جمركية وإدارية قبل السماح لها بمواصلة رحلتها إلى وجهتها الأخيرة.
وأشار أحد العاملين في العمل الإغاثي بنيالا إلى أن أكثر من 40 شاحنة تُحتجز شهريًا في ميدان ملعب نادي الهلال بحي الامتداد شرق سوق نيالا الكبير، معظمها تتبع للمنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة، وتظل عالقة لأشهر دون تسوية أوضاعها: ١٧/١١/٢٠٢٥)).

((كشفت مصادر متطابقة من مدينة الطينة الحدودية مع تشاد عن قيام القوة المشتركة المتمركزة في بلدة أبوقمرة بشمال دارفور بمنع عبور الشاحنات التجارية المحمّلة بالبضائع إلى مناطق سيطرة قوات الدعم السريع. وقالت المصادر إن القوة المشتركة منعت مرور الشاحنات إلى سرف عمرة وكبكابية وكتم، الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع، عقب سيطرة الأخيرة على مدينة الفاشر في ٢٦ أكتوبر الماضي: ١٨/١١/٢٠٢٥))

حيث لم تكتفي الأطراف المتصارعة بالمواجهات العسكرية المستمرة منذ ابريل ٢٠٢٣ وما أفرزته من كوارث على المدنيين، وإنما عمدت إلى منع وصول الغذاء والدواء الى معسكرات اللجوء! بالرغم من أن أكثر من نصف السكان في السودان، أي نحو ٢٥ مليون نسمة، يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفق أحدث تقارير الأمم المتحدة.

هل من مخرج من هذا المأزق؟.
وهل من طريقة لإسكات البنادق والمدافع الرشاشة؟ هل بمقدور أطفالنا الاستمتاع بسماء خالية من القذائف والمسيرات وأصواتها المرعبة؟

اعتقد أن الفرصة ما تزال قائمة لانقاذ الوطن والمواطن من أتون هذه الحرب التي لا ناقة له فيها ولا جمل.

على قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان ان يقبل السلام المطروح عبر العديد من المبادرات، وآخرها اعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الامريكي ترامب بالانخراط بقوة في ملف الحرب والسلام في السودان.

يتطلع الشعب إلى سلام يستعيد به ثورة ديسمبر ٢٠١٨ المسلوبة واستحقاقات ثورة ديسمبر في الحرية والعدالة والتحول الديمقراطي, ولن يضيع حق وراءه مطالب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى